خاص | العراق يمنح الإقامة للعشرات من ضباط النظام السوري المخلوع
كشفت مصادر سياسية عراقية في العاصمة بغداد عن منح السلطات الحكومية حق "الإقامة المؤقتة لدواع إنسانية" للعشرات من الضباط وقادة جيش النظام السوري المخلوع الذين لجأوا إلى العراق في السابع والثامن من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، مع دخول قوات المعارضة إلى دمشق، ووافقت بغداد على دخولهم من معبر البوكمال الحدودي بعد نزع أسلحتهم. وقالت وزارة الدفاع العراقية حينها إنها استقبلت المئات من العسكريين السوريين لـ"دواع إنسانية"، وتم تشييد مخيم مؤقت لهم على الحدود في بلدة القائم، غربي الأنبار.
وعاد إلى سورية لتسوية أوضاعهم أكثر من 1900 عسكري، غالبيتهم من مراتب جيش النظام العادية بين ملازم ومقدم، لكن العشرات من الضباط برتب عميد ولواء وقادة وحدات وألوية رفضوا العودة، ما دفع الحكومة العراقية إلى نقلهم مؤقتا في 19 ديسمبر إلى مجمع خاص في بغداد مع فرض حماية وإجراءات أمنية خاصة بهم. ويعتقد أن قسما منهم من أسرة الأسد، وآخرين مطلوبين بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال سنوات الثورة السورية 2011 وإلى غاية 2024. واليوم الثلاثاء، حصل "العربي الجديد" على معلومات من مصادر سياسية مقربة من تحالف "الإطار التنسيقي" الحاكم في العراق تؤكد منح الحكومة العراقية "إقامة مؤقتة لأغراض إنسانية" لعشرات الضباط الذين يرفضون العودة إلى بلادهم.
وقال مصدر إن "العشرات حصلوا على حق الإقامة المؤقتة إلى حين اتضاح الأمور في سورية بشكل أكبر، وهم موجودون حاليا في بغداد، وقسم منهم أبلغوا السلطات بأنهم يسعون إلى إصدار وثائق سفر للتوجه إلى دول أخرى"، فيما أكد مصدر آخر أن "قسما من ضباط النظام السوري السابق، عسكريين وفي أجهزة أمنية، موجودون الآن في العراق بصفة مقيمين، ولا وجود لأي ذكر بشأن منحهم حق لجوء إنساني".
وكشف المصدر عن أن "شخصيات منهم تسعى للانتقال إلى روسيا والإقامة هناك، وآخرين قرروا البقاء في العراق ويسعون لجلب أسرهم من سورية". وبين مساء السابع من ديسمبر وحتى صباح اليوم التالي الثامن من ديسمبر 2024، دخل إلى العراق براً 2493 عسكرياً سورياً، وفقا لأرقام رسمية قدمتها السلطات العراقية.
وفي 19 ديسمبر، أعلنت بغداد عودة نحو ألفين منهم إلى سورية بالتنسيق مع الإدارة الجديدة، وهؤلاء غالبيتهم عسكريون مكلفون ورتبهم منخفضة، وانتقلوا برا إلى الأراضي السورية عبر معبر القائم البري، غرب الأنبار، لكن لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي كشفت عن رفض العدد الآخر العودة إلى سورية، وقالت إنهم برتب عالية وجرى نقلهم إلى بغداد.
ووفقاً للمعلومات، فإن قادة وضباطاً بالفرقة الرابعة في جيش النظام السوري المخلوع، إلى جانب ضباط بالأمن والمخابرات، ومسؤولين بوزارتي الدفاع والداخلية، من ضمن الموجودين حاليا في بغداد، وجرى تخصيص مجمّع سكني خاص بهم تحت إجراءات أمنية مشددة، حيث يرفضون العودة إلى بلادهم خوفا من عمليات انتقامية أو ملاحقات قضائية قد تطاولهم.
وفي وقت سابق، أكد عضو لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان العراقي النائب ياسر إسكندر وجود العشرات من ضباط نظام الأسد داخل العراق يرفضون العودة. وأوضح إسكندر، في تصريحات أوردتها وكالة "بغداد اليوم"، أن "ملف الضباط السوريين الموجودين في العراق خاضع لإشراف القائد العام للقوات المسلحة (رئيس الوزراء)، والحكومة مسؤولة عن اتخاذ القرارات المتعلقة بهم"، مبيناً أنهم "ضباط وحدات عسكرية" في جيش النظام.
وشدد إسكندر على أن "هذا الملف لن يؤدي إلى أي توتر بين العراق وسورية، وسيُحسم في الفترة المقبلة، إما بإعادة الضباط إلى بلادهم حسب رغبتهم، أو نقلهم إلى دول أخرى، وفق الآليات التي ستعتمدها الحكومة العراقية"، فيما تحدث رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة الأنبار سعد المحمدي عن رفض ضباط بقوات النظام العودة، وقال إن الضباط السوريين الذين رفضوا العودة إلى بلادهم نُقلوا من معسكرهم السابق في محافظة الأنبار إلى بغداد. وبحسب المحمدي، في تصريحات للصحافيين العراقيين، فإن "بعضهم يخشى العودة إلى سورية، خاصة أولئك الذين كانوا ضباطاً في الجيش والاستخبارات".